۩ من أنـــــــــــــــــــــــــــا ....۩ بقلمي

السلام عليكم



لم يعد من شيء أستر به حقيقتي! حقاً..لم يتبقّى الكثير لكي أصل إلى آخر درجات النهاية داخلي.كيف، كيف للمرء أن يخاف من ذاته؟ أن يكره اليوم قبل أن يبدأ؟

ببطء،ببطء شديد قاتل..أدركت أنّي لا أعرف نفسي. لقد بدت المراحل الأخيرة من تعرّي هويّتي، شخصيّتي.. سريعة للغاية.

كلّ شيء كان مستوراً تحت طبقات سميكة من التعوّد، لقد فهمت الآن.لحافٌ ضبابي ستر مشاعري لوقت طويل ..وحتّى عقلي!

هل يمكن للحياة أن تكون ذكية كفاية لجعل المرء يتوهّم السعادة؟ هل يعقل أن يستسلم الإنسان لدرجة تجعله يتحمّل الكذب في سبيل الفرار من التغيير؟

بدأت أمّي- قبل وقت قريب - تسمع أنيني كلّ ليلة.لم يكن أنين ألمٍ عضوي،لقد كان صوتاً أصدره مرغماً وأنا أحارب الأفكار التي باتت تهاجمني فجراً حاملة سيوف الصراحة و ذورع الصدق.

هل بات للصدق مخالب تجرح، هل الصراحة تذبح!

لست مجنوناً،ليس بعد..ولكن الأمر استحال جحيماً لم أقدر مجاراته..

لم أعد أفهم لمَ أشعر بفراغِ قلبي من كلّ شيء عدا القهر، بهوّة سحيقة داخل صدري.لم أعد أفهم لمَ كلّ هذا الحزن يرعاني صبح مساء.لمَ لا أستطيع أن أضحك؟

ربمّا لو كنت أفهم لكان الأمر يستحق. لقد أدركت قبل أيام أنّ العيش من دون تفكير نعمة، أدركت أنّ من يملكون القدرة على عدم الحفر عميقاً داخلهم ،عظماء..

أحياناً كنت أجمح محاولا التملّص من التفكير متناسياً أنّه لا إرادي، تماماً كما النبض..كما الأنفاس.

الفشل أصبح دائماً نقطة بداية.أصبح الوصول إلى نتيجة تعالج إدماني تعذيب نفسي ..محالاً!

بدأ كلّ شيء عندما سألت روحي : "هل أنا فعلا كما أرى نفسي؟ هل أنا فعلا سعيد..كوني أنا؟"

هل كان يجب عليّ فتح باب النزاهة ذاك ؟

الأمر لوهلة بدا ممتعاً، يحبّ الناس معرفة مشاعرهم الحقيقية اتجّاه ذواتهم، خلاّنهم وكذا كلّ شخص يظنونه مصدر سعادة. فعلت الشيء ذاته، لساعات رحت أحاول رؤية ما وراء صورتي، خلف ما يراه الناس

حينما يلمحون هندامي الأنيق، سيارتي الفاخرة ووظيفتي المرموقة.

حفرت لعمق لم أستطع بعده التسلق مجدّدا نحو السطح!

أدركت أنّي في الثالثَ والأربعين.دون زوجة أعيش..لم أعد أرغب في الزواج أو هكذا أوهمت نفسي إرضاءاً لأصدقائي العزّاب، خلاّني الذين استحالت الرجولة لديهم مفهوما قاراً يعكس القدرة على الهروب من

قفص المرأة؟

فهمت وبأصعب الطرق أنّي..لا ملك أصدقاء! لأكون صادقاً كفاية، كنت أملك واحداً لكمته قبل سنوات بعد أن حاول إيقاظي من إفكي، لكمته ليس لأنّي أبغضه ولكن لأنّي..استحييت أن أُنصح قدّام من خلتهم رفقتي.

فهمت.. أنّي عشت تحت أكوام الكذب حتّى ما عدت أدري ما الصحيح؟ فهمت أنّه لا أحد يحبّني غير والدتي التي فقدت هي الأخرى الأمل بصلاح حالي؟

فهمت أن أخلاقي هشّة تسيّرها أعاصير الهوى بي..فهمت أنّي منتهٍ.

دثّرت عقلي- كما العادة - قائلا: " أنا بخير!"

الفعلُ دون رغبة مُتعب،التقنّع مراراً ..ومراراً يسلخ الجلد ويجعله يتهيّج.المُبالغة لأجل الغير ..والغير فقط أثقل من كلّ ما يُضرب به المثل ليجاري هول الوزن الهاذم .التحايل على الذات وإيصاد كلّ ما يجعل النفس

تقلق...كان دستوري.

ربّما أكون طيّباً، ربّما ملكت طيلة تلك السنوات بذرة الخير..ربّما لذلك لم أستطع المواصلة، ربّما لذلك استفقت!

ولكن..حين فتحت نوافذ رأسي لم أرى الراحة..بل الوحدة أمامي. لم أكن أعرف أنّ فقدان الثقة بمن حولي قاس إلى ذلك الحد..قطعاً لم أعلم أنّ العيش كما أريد سيكون أصعب من العيش على درب..الناس!

فقدت نفسي عندما وجدتها..عندما بان الوضوح، أضحى كلّ شيء ضبابياً عاتماً.

كيف لشخص تعوّد العربدة أن يسير بقدم مستقيم؟ كيف للنور أن يتصالح والدجى..وأنا؟

بدأت أخاف نفسي! لم أفقد ثقتي بغيري وحسب، خسرت رغبتي أيضاً في أن أكون جزءاً من عالمٍ لا يفهمني..عالمٍ لا يمكنه إسعافي.لطالما راودني الحنين إلى العودة صوب حياتي الماضية،كنت أقول:

" لربّما كانت تلك هي الحقيقة وليس هذه..هذه المؤلمة؟"

تركت كلّ شيء..كلّ شيء عدا إيجاد إجابة لسؤالي: " هل وجودي له قيمة؟ هل أنا من أظن نفسي بعيداً عن آراء المادحين المُرائين؟"

سألت وسألت.استفهامي صار سلسلة جمر أحرقتني.ظلّ الفراغ داخلي وحزني. دام الاكتئاب و (لمَ؟) يثقبان فؤادي.

من فرط حبّي معرفة ما بي نسيت لماذا صرت على حالي ! تركت دون أن أدري حفنة أسألتي ولكن ضياعي..ظل.



"دوام الحال من المحال"، مقولة لم أفهمها قبل أن أصارع الحياة الصرفة وحدي.الزمن شيء عجيب والألم ولو أوجع يبقى السبيل الأوحد للحفر وصولا إلى الإنسان الدفين داخل الجسد..وصولا إلى الضعف الذي

يجعل الفم يناجي من هو أقوى، من هو أعظم.

كلّ شيء تغيّر بعد حين، هدأ وانحسر نحو الماضي .تغيّر لأفهم بأنّي نجحت بشكل أو بآخر..لأفهم أنّي فعلت شيئاً يستحق العذاب لأجله..لأفهم أنّي صبرتْ.

بالظلمة، بصرت نوري وبالضياع وجدت دربي..وجدت ختاماً ربّي.

فهمت دون احتيال.. أخيراً هويتي.عرفت من أنا ولمَ السعد لم يطرق بابي رغم امتلاكِ عقلي وكلّ أسئلتي.عرفت طعم السكينة، كنت ممتناً لخالقي لدرجة سالت دموعي.دموعاً لم تكن جافة شاحبة لا تنفع

وإن تكاثفت لتعميني..كانت مختلفة، كانت تحمل الأثر.كانت تحمل الاستسلام الهادئ لكلّ ما هو مبهج مفرح..حقيقي.

ويكأنّ روحي سحقت ليُبعث من تحت أطلالها شخصٌ ثانِ.بشرٌ ترى عيناه ما يُبصر به فؤاده ، بشرٌ يعرف الوضوح نحو ما يجعله يحفل بالأيام قبل أن تبدأ..يحفل بكونه حيّاً..بكونه بشراً..بكونه نفسه.

شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ ♥
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥
ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر